كيف يكون جوّ العمل مُتعةً لا مُحبِطاً؟
عبر إذاعة صوت لبنان

تقترب السنةُ الدراسية من الانتهاء. إداراتُ المدارس التي

يُمضي الذين يعملون أكثر من ثماني ساعاتٍ في اليوم في مكان عملِهم. وإذا أضَفنا إليها الوقت الذي نقودُ فيه سياراتَنا على الطرقات ذهابًا وإيّابًا، نجدُ أنّنا نُمضي حوالى العشر ساعاتٍ يومياً في أنشطة ترتبط بعملنا. السؤال الذي يخطر ببالي هو: “عندما نُعطي كلّ هذا الوقت لنشاطِنا المهني، ونكرّر ذلك كلّ يوم، ألا نستحقُّ أن نكونَ هناك سعداء، أو بالحدّ الأدنى راضين؟

هل تعلَم أنّ شعورَ الزملاء في العملِ تجاه بعضهم البعض يؤثّر على الانتاجيّة؟ وهل تعلَم أنّنا في مراتٍ كثيرة نكرهُ العملَ الذي نقومُ به ليس لسببٍ في نوعِ المهنة التي نختارُها، بل بسبب ظروفٍ علائقية صعبة مع الزملاء والزميلات؟

للجوِّ الإيجابي في المؤسسة التي نعملُ فيها فوائدُ جمّة، فهو يزيدُ إنتاجيّتَنا، ويساعدُنا على تحقيقِ الأهداف، ويعزّز العمل الفريقي بيننا، ويعطينا شعوراً بالفرحِ في كلّ صباح عندما نأتي إلى مكاتبِنا. كيف يكونُ ذلك؟ وما هو شكلُ العلاقة الجيّدة بين الزملاء في العمل؟ هي العلاقةُ المبنيّة على الثّقة، والتي يمكِنُك فيها أن تكونَ صريحًا في التعبير عن أفكارِك وتصرّفاتك. هي أن تقبَل التّنوع والاختلاف فنحنُ لسنا نسخاً طبق الأصل عن بعضنا، وهذا القبول ليس بالأمر السهل. والعلاقة الجيدة في العمل هي علاقةٌ مبنيّة على الاحترامِ المتبادَل، وعلى التّواصلِ المنفتح والدائم.

كيف نبني هذه العلاقة القوية والمتينة في المؤسسة؟ يمكنُ ذلك عندما ندركُ المعوّقات الأربعة الأساسية لبناء فريقٍ قويّ ونتجنّبُها وهي: النميمة أي “بالعربي الدارج الـ تلِقْلُقْ”، والسلبيّة وهي روحٌ قاتلة، والشّعور الدّائم بعدم الكفاءة الذي يزرعُه فينا بعض الزملاء الذين نقول عنهم بالإنكليزيّة perfectionists، وكذلك رغبتنا الفائقة في السيطرة على كلّ شيء. هذه الأربع تقتل كلّ إمكانيّةٍ للعمل الفريقي. ولا أُريد أن أنسى أنّ وجود مديرٍ “قائد” يجعل الطريق إلى الجو الممتع أكثر سهولة.

وهل من المهم بناء علاقةٍ جيّدة في الشركة أو المدرسة أو المؤسّسة التي أعمل فيها؟ طبعاً، فالإنسان كائنٌ اجتماعي يتفاعلُ مع الصّداقات والتّشجيع وهو بحاجة اليها كحاجته للخبز والماء. أضِف إلى ذلك فإنّ العلاقات الجيّدة تجعلُ مكان العمل أكثر راحة وتميزاً، وهي تسمح لنا بالتركيز على الفرص والتّقدم بدل إضاعة الوقت والطّاقة بسببِ سّلبيةٍ لا جدوى منها.

هل تعلم أنّ هناك دراسات أثبتَتْ أنه في حال العملِ مع أشخاصٍ تعتبرُهم أصدقاء لك، فإنّ هذا يزيد من فعاليّة عملك سبعَ مرّات؟ مشكلةُ المشاكل في هذه الأمور هي أن ينتظرَ كلُّ واحدٍ منّا الآخرَ لكي يبادرَ في خلقِ جوٍّ متعاون، فيضيع عندها جوُّ العمل بين “حانا ومانا”. لما لا نرفض أن نبقى في الانتظار؟ لما لا نُبادر نحن؟

سمير قسطنطين