خمسةُ مجالاتٍ للإيجابيّة
عبر إذاعة صوت لبنان
قبل أسبوعين كان موضوعُ مقالتي: “كيف تكونُ إيجابيّاً في عالمٍ سلبي”؟ اليوم أُتابع هذا الموضوع وأتحدّثُ عن مجالاتٍ خمسةٍ للإيجابيّة. الإيجابيّة تبدأ في الذهن، في ما يُعرف بقوّة التفكير الإيجابي. أوّل من كتب في هذا المجال كان نورمان فينست بيل الذي أصدر كتاباً في العام 1952 حمل هذا العنوان والذي هاجمَه بسبِبه آنذاك عددٌ كبيرٌ من الأطباء النفسيين. اليوم بتَّ تقرأ هذا العنوان فى كل مكتبة تذهبُ إليها. قوّة التفكير الإيجابي تعني في ما تعنيه أن العقلَ المليءَ بالسلام يولّد القوّة، وأنّك ولكي تنجح في خلق السعادة لنفسك، عليكَ أن تتعلّم ممارسة الأفكار السعيدة. نورمان بيل اعتبر أيضاً أنّ الصلاةَ هي القوّةُ العظمى التي تجعلُ الإنسانَ ينجحُ في حلّ كلّ المّعضلات. هذا الذهن الإيجابي سيولّد على الفور موقفاً إيجابيّاً أي “Attitude إيجابي”. هذا الـ Attitude الإيجابي يعني أنّك، وعند مواجهة أيّة معضلةٍ في حياتِك، ستفكّر على الفور بحتميّة إيجاد الحلّ، أو على الأقل فإنّك ستفكّر في التقليل من أضرار المشكلة عبر إدارتها. لكنّك لن تُقدِم ولا تحت أية ذريعةٍ من الذرائع على قتالِ المشكلة. الموقف الإيجابي يولّد عندك نبرةَ صوتٍ إيجابيّة. هذا لا يعني أن تتكلّم بصوتٍ منخفض غير مسموع. على العكس، فهذا يعني أن تتكلّم بصوت واثقٍ مسموعٍ من الجميع، إنّما بشكلٍ لا يُثير عند الآخر قلقاً أو خوفاً أو شعوراً بأنّه مهدّدٌ. هذه النبرةُ الإيجابيّةُ ستصحبُها ملامحُ وجهٍ إيجابيّة من مثل البسمة، والنظر في عيون الآخر عندما تتكلّم، وهزّ الرأس عندما يتكلّم الآخر. كذلك سيكونُ الذقنُ مرفوعاً لا منحنياً إلى أسفل، وستكون العينانُ مفتوحتين. ولن أنسى أخيراً الإصغاءَ الإيجابي الذي يعني أن أستمعَ إلى الآخر فلا أُقاطعُه وهو يتكلّم، ولا أسألُه أسئلةً تشكيكيّة، ولا أُفكّر في ردّي على ما يقولُه عندما يوجّه حديثه لي، وأغفل مضمونَ ما يقولُه هو. الاستماعُ الإيجابي هو إصغاءٌ وإنصاتٌ لا يقتصر على سمعِ الأذن فقط. أنتَ تُصغي لكي تتفاعل لا لكي تنفعل، وأنتَ تُنصِت لكي تساعدَ في حلِّ أمرٍ ما أو تساهمَ في تخفيفِ قلقٍ ما عند الآخر.
خمسةُ مجالاتٍ للإيجابيّة، تشكّل سلسلةً مترابطةً تبدأُ بقوّة التفكير الإيجابي، وتنتقل إلى الموقف الداخلي الإيجابي أي الـ Attitude ، ومنه إلى نبرة الصوت الإيجابيّة عند الكلام، فإلى ملامح الوجهِ الإيجابيّة وفي طليعتها الابتسامة، وأخيراً يأتي الإصغاء الإيجابي الفعّال. هل نجرّب هذه الوصفة؟ هي ليست سهلة لكنّها ممكنة وفائدتُها لنا وعلينا كثيرةٌ وكثيرةٌ جداً.
سمير قسطنطين