ما هي أحلامي وكيف أحقّقها؟
عبر إذاعة صوت لبنان
هناك عبارات نسمعُها دائماً من شبّانٍ وشابّات تتراوحُ أعمارُهم بين الـ 15 والـ 21 سنة. منها مثلاً: “أريدُ أن أكون ناجحاً في الحياة” … “أريدُ أن أجنيَ الكثيرَ من المال” … “أطمحُ أن أكونَ صاحبَ شركةٍ أو ربّ عمل” … “لا أحبُّ أن أكونَ موظّفاً في شركة” … “أريد أن أهاجرَ وأعملَ خارج لبنان”، إلى ما هناك من عبارات مشابهة في المضمون. الشباب يحلمون. فما هي أنواع هذه الأحلام؟
أولاً، هناك أحلام إيجابيّة (Positive Dreams). هذه الأحلام توحي بالطموح، وهي أحلام ترسم استراتيجيّةً معيّنةً وتخطيطاً معيّنا. من معوّقات هذه الأحلام، خيباتُ أملٍ سابقة وعدمُ تشجيعٍ من المحيط. وهناك أيضاً أحلامٌ سلبيّة (Negative Dreams) تتسبّب بها أفكارٌ سلبيةٌ تسيطرُ على تفكيرِنا نتيجة فشلٍ ما. وقد يكون السبب أحياناً فشل الأهل الأمر الذي ينعكس سلباً على الولد. وقد يكونُ السببُ أيضاً الشكَّ في قدراتِنا، الأمر الذي يسيطرُ على قراراتِنا ويجعلُنا خائفين متردّدين. أحلامٌ من نوعٍ ثالث هي الأحلام المثالية (Idealistic Dreams). هذه الأحلام تطمحُ إلى تغييرِ العالمِ، بجعلِه مكاناً مثاليّاً تحلم به. يشعر صاحبُه الشابُّ أو الشابّة أنّه سيقدر على تحسينِ كلّ شيء لو كان هو المسؤولُ الأول والممسكُ بزمام الأمور. وهناك أحلام الآخرين (Vicarious Dreams). قد تشعر أنّك مُلزَمٌ في تحقيقِ حلمِ والديك اللّذين يطمحان أن تكونَ طبيبَ أسنانٍ مثلاً، أو أنّك مُلزَمٌ في تحقيقِ أمنيات الناس الذين حولك، أو أنّك مُلزَمٌ بدراسة اختصاصاتٍ معيّنة أو خوض غمار مهنٍ معيّنة فقط لأن زملاءَك في الصّف يطمحون إليها (Peer Pressure). خامساً، هناك الأحلام الرومانسيّة (Romantic Dreams) حيث تشعر أنك تستطيعُ تحقيقَ كلّ شيء إذا كُنتَ بجانب الآخر الذي تحبُّه. قد تشعر أنّ الآخرَ يشاركُك الحلمَ وأنّك مستعدٌ لكي تعملَ على تحقيقِه كُرمى لعيون هذا الآخر حتى لو لم يعُدْ هذا حلمك أنت.
أسئلةٌ عليك أن تسألَها لنفسك: هل حلمي هو فعلاً حلمي أنا؟ هل حلمي واضحٌ أمامي وضوحَ الشمس؟ هل إمكانيّاتي تساعدُني على تحقيقِ حلمي؟ هل أستطيع أن أدفعَ الثمنَ الماديّ لتحقيقِ حلمي؟ هل أستطيعُ أن أدفعَ الثمنَ المعنوي والعاطفي لتحقيق حلمي؟ هل أحاول جاهداً أن أقتربَ أكثر فأكثر من تحقيقِ الحلم حتّى لو كانت خطواتي صغيرة إنّما ثابتة؟ هل هذا المجهود يُشعرني بالسعادةِ والرِضى؟ هل وضعتُ خطّةً أو استراتيجيّةً معيّنة لتحقيقِ حلمي؟ هل حلمي يُفيدُ الآخرين أم أنّه يدمّرُهم أو يؤذيهم؟
أودّ التحدّث في البداية عن خطواتٍ سهلةٍ وبسيطة تساعدُك على تحقيقِ حلمِك وهي أوّل الخطوات في رحلة الألف ميل. جِدْ مكاناً هادئاً تذهبُ إليه وتختلي فيه بنفسك. قد تحتاجُ إلى بضع ساعات، بضعة أيّام، أو حتّى بضعة شهور. ابقِ معك دفتراً وقلماً. أقسم الدفتر إلى ثلاثةِ أقسامٍ: الماضي، الحاضر، والمستقبل. دوّن كلّ ما حقّقتَ حتّى اليوم في قسم “الماضي”. قد يكون الأمرُ سخيفاً في نظرك، ولكنّه في الحقيقة ليس بسخيف. مثلاً: دوّن أنّك عملتَ كنادلٍ خلال الصيف، أو حصلتَ على علامات جيّدة، أو ساعدتَ رفيقك في المدرسة في أمر ما. من ثمّ دوّن كلّ ما تفعلُه اليوم تجاه مستقبلك في قسم “الحاضر”. يمكنك مثلاً أن تدوّن أنّك تحاول جاهداً كل يوم لنيل علامات مرتفعة تخوّلك الانتسابَ إلى جامعةٍ تطمحُ في الالتحاق بها، أو أنّكَ تسجّلتَ لامتحاناتٍ معيّنة وتحاول جاهداً التّحضير لها، أو أنّك لا زلتَ تعمل أعمالاً صغيرة هنا وهناك لتأمين مصروفِك، أو أنّك تذهب إلى عمل والدك يوم السبت لتساعدَه. من ثمّ دوّن كل ما تنوي عمله لتحقيق حلمك في خانة “المستقبل”. فكّر عميقاً بحلمك المستقبلي وحدّد الهدف. أُرسمْ خارطةَ الطريق التي ستوصلك إلى الهدف. هذا التّحضير قد يأخذُ أياماً أو أشهراً. المهم هو الالتزام، وستُفاجأ بعد عدّة أشهر عندما تلاحظ الفرق الشاسع بين نقطة الانطلاق في اليومِ الأوّل والنقطة التي بلغتَها الآن. احتفِظ بمدوّناتك فهي أكبر إثبات على تصميمِك على النّجاح.
لكنّي أودّ القول لكَ أنّك ما زلتَ في أوّلِ الطريق وأنّ الخطواتَ الأصعبَ ما زالت أمامنا وهي سبعٌ على الأقل. فما هي هذه الخطوات التي تساعدك على تحقيق حلمك؟ أولاً: عانِق المجهول. هذا لا يعني أن تخاطر بأخذ قراراتك، ولكنّك إذا بقيتَ في المنطقة الآمنة (Comfort Zone) ستبقى في مكانِك وتقتل طموحَك. ثانياً، التّصميم، والتصميم، ومن ثمّ التّصميم. عندما تصمّم على القيام بأمرٍ ما أو تحقيقِ حلمٍ ما، لا تدَع أيّ معوّق يعرقل لك الطريق. ثالثاً، فكّر خارج العلبة، (Think Outside the Box). لا تكن تقليدياً ذا أفكارٍ روتينيّة. رابعاً، لازِم أشخاصاً ناضلوا حتى وصلوا في حياتهم وحقّقوا أهدافهم. تعلّم منهم، إقرأ كتباً عنهم. خامساً، كُنْ إيجابيّاً دائماً مهما صعُبَتْ الأمور عليك وتأقْلَم مع الوضع الذي أنتَ فيه وتعلّم منه. لا تدع الشكّ والتردّد يسيطران على تفكيرك. سادساً، لا تدع مقولة “الحظ السيّء والحظ الجيّد” تسيطر عليك، فالحظُّ غيرُ موجود. يقول الكاتب والفيلسوف الأميركي رالف والدو إميرسون: “الأناس السطحيّون يؤمنون بالحظ، أما الأقوياء فيؤمنون بـالسبب والتأثير”، أي “Cause and Effect”. سابعاً وأخيراً، المتابعة هي أهم خطوة بعد أخذ القرار. قد تأخذ قراراً صعباً في حياتك وتتلكّأ في المتابعة؛ هذا يسبّب الإحباط، وأحياناً الفشل. لكن تأكّد أنك ستقابل أناساً في حياتك يساعدونك على الاستمرار والمثابرة. قال أحدهم مرّةً: “When the student is ready, the teacher will appear.” أي “عندما يجهزُ التلميذُ سيظهرُ المعلّم”. وهذا ينطبق مع ما قاله الكاتب الشهير أوغسطين ماندينو الذي كتب كتاب “The Greatest Salesman in the World”، أي “أعظم رجل مبيعات في العالم.” قال: “دائماً تصرّف كتلميذ. لا تشعر أنّك أكبر من أن تسألَ أسئلةً لتتعلّم شيئاً جديداً، وتأكّد أنّك مهما عرفتَ، فلنْ تعرفَ كلّ شيء.”
في النهاية عودٌ على بدء: “ما هي أحلامي وكيف أُحقّقها”؟ خارطة الطريق أمامك. يبقى القرارُ لكَ.
سمير قسطنطين