تغيرت المفاهيم وربّما السعادة أيضاً!
هذا الصباح عبر إذاعة صوت لبنان
في العقود الأربعة الأخيرة دخلت حياتَنا مفاهيمُ حياتية تتعلق بطريقة العيش، غيَّرت الكثير من أنماط العيش السابقة.
في زمن الستينات والسبعينات من القرن الماضي لم تستعمل أمهاتنا لأولادهن ما نسميه اليوم بالديابيرز، وكنا كأطفال نتبول في السرير. في ذلك الوقت ركبنا السيارات من دون حزام أمان، ولم يكن في سيارات أهالينا أكياس هواء، ولم نكن مجبرين على أستعمال الخوذة عند ركوب الدراجة. شربنا الماء من خرطوم سقي الحديقة وليس من قنينة مشتراة من سوبر ماركت، وتشاطرنا زجاجة الكولا مع اصدقائنا، ولم يمت أحد منا بسبب ذلك. في ذلك الزمن أكلنا المثلجات المصنوعة من منتجات الألبان، وكان الخبز الأبيض رفيق كل الوجبات، وكذلك الزبدة الحقيقية. طبخت أمهاتنا بالسمنة الحموية الصفراء، كما شربنا الكولا التي أيضا كانت مليئه بالسكر، لكننا لم نكن سمينين أو ممتلئين لأننا كنا دائما نلعب خارج البيت . كنا نغادر المنزل في الصباح، ونلعب طوال اليوم، ألعاباً من مثل الغميضة، وعسكر وحراميه، وكاوبوي والهنود، وجميع الألعاب الأخرى التي أستطاع خيال الأطفال أن يبتدعها آنذاك. في كثير من الأحيان، لم يتمكن أحد أن يجدنا طوال اليوم. ولم يكن بذلك أي مشكله…
قضينا أياما بأكملها نصنع عربات من بقايا اشياء وجدناها في قبو المنزل، ثم ركبناها في أوّل شارع منحدر متناسين اننا نسينا أن نصنع لها الفرامل، وبعد بضع تجارب، والكثير من الوقوع والكدمات وأحيانا كسر أصبع تعلمنا كيفية حل المشكلة.
لم يكن لدينا أصدقاء عبر الفايسبوك، أو مشاكل التركيز في المدرسة. لم يعطونا أقراصا ضد النشاط المفرط. ولم يكن لدينا في المدرسة مختص بعلم النفس أوموجه تربوي، ومع ذلك فإننا أنهينا دراستنا. في ذلك الزمن لم يبع لنا أحد المخدرات أمام المدارس.
في سبعينات القرن الماضي، لم يكن لدينا بلاي ستيشن، ولا ألعاب فيديو، ولم يكن لدينا مئات قنوات التلفزيون. نحن عشنا على القناتين خمسة في الحازمية وسبعة في تلة الخياط. لم يكن لدينا جهاز الفيديو، أو أجهزة موسيقى متطورة، ولاهواتف خليوية ولا أجهزة كومبيوتر ولا غرف الدردشة عبر الانترنت لكننا كنا سعداء.
كان عندنا أصدقاء وكنا نخرج ونلهو معهم! وقعنا عن الأشجار، لعبنا القوس والنشاب و”الغلل”، رمينا الحصى على زجاج الجيران، تشاجرنا، كسرنا الأسنان أوالقدمين أو اليدين، ولكن أهالينا لم يتقاتلوا مع الجيران بسبب ذلك.
ذهبنا إلى منازل أصدقائنا على الدراجة الهوائية أو سيراً، ناديناهم لنلعب أمام الباب أو دخلنا منازلهم ببساطه لنكون معاً! لم نقضِ عطل نهاية الأسبوع مرة مع أمنا ومرة أخرى مع والدنا. كان لدينا منزل واحد وعائلة واحدة وإن كان أهلنا يتقاتلون كل يوم.
أقول هذا الكلام لأسأل، هل تعلمون أن العقود الأربعة الماضية كانت الأكثر إنتاجا في تاريخ البشرية؟ هل تعلمون أنه في ذلك الزمن الجميل أنتج العالم أفضل المخترعين والعلماء حتى يومنا هذا ؟
أنا لا أريد أن أنتقص مما نحن عليه اليوم، لكني أحببت أن أقول إن سعادتنا لم تكن أقل وإنتاجيتنا لم تكن أقل وطموحنا لم يكن أقل. ببساطة كلية كنا راضين عن أنفسنا وعن الآخرين وعن طريقة العيش. كان هذا زمن السبعينات. أحببتُ فقط أن أقول إننا كنا سعداء.
سمير قسطنطين