صباح 14 تشرين الثاني 2019
هي رسالة صباحيّة واضحة إلى الذين تسبّبوا بإشكالاتٍ يوم أمس يرفضُها معظم اللبنانيّين. أُريد أن أبدأ بـ “عنتر بن شدّاد” و”فارس الفوارس” الذي أطلق النّار من رشّاشٍ حربي في جلّ الديب باتّجاه متظاهرين. “مِنْ كِلْ عقلَك يعني”؟ أنتَ تُطلق النار على مَنْ؟ ومِن أجلِ من؟ وبحمايةِ من؟ قد تقول لي بأنّك منزعجٌ من الذي أقفلوا الطرقات. أنا أيضاً منزعجٌ من إقفال الطرقات، وأعتقد أنّ مكان الحراك هو في الساحات. لكن هل يبرّر الإستياءُ هذا إطلاقَ النار على متظاهرين؟ هل تُصدّق أنّي لا أرغب في أن تُحاكَم أنتَ ويُلقى بكَ وراء القضبان؟ أنا أرغب في أرى من حرّضَكَ على فعل ذلك مسجوناً ومُساقاً إلى القضاء. أهكذا تنتصر لرئيس الجمهوريّة؟ وهل يحتاج الرئيس إلى غبائكَ وتهوّرِكَ وحقدك برأيكَ؟
وإلى أولئك الذين لا يفقهون شيئاً لا في الثورات ولا في الحراكات ولا في الانتفاضات شيئاً، والذين أقفلوا نفق نهر الكلب يوم أمس بجدارٍ إسمنتي: “عَنْ جَدْ يعني”؟ هذه أعمالٌ صبيانيّة تشبه الطيش في حدّها الأدنى و”العمالة” في حدّها الأقصى. أتريد أن “تِزْعَل” منّي؟ سأزعل منك أنا إن لم تزعلْ منّي لإنّي أكون قد تملّقتُك كثيراً في كلامي. ماذا أنتَ فاعلٌ يا غبيّ؟ في هذا الحراك إنتصرت طرابلس للنبطيّة، وتلاقى الناس الذين أتوا من كلّ لبنان في ساحة الشهداء، وأنتَ “يا عبقري” تُغلق نفق نهر الكلب؟ أَلَم تشبع بعد من ذكريات حرب الـ 1990 الأليمة؟ إذا كُنتَ لم تولد بعد في ذلك الزمن المشؤوم، سَلْ أهلكَ وجيرانكَ عنه. هل تريدُ أن تُعيدَنا ثلاثين سنة إلى الوراء، إلى عقودٍ لم يرَ فيها أبناء منطقتِك أيّها الطائش إلّا الاستفراد والنّفي والإضطهاد والعذابات؟ هل تحبٌّ هذه المشاهد؟ إفعلها في بيتك، لكن إيّاك أن تشوّه حراكاً هو أكبر منكَ بكثير.
وإلى الذين تنمّروا على مراسلة الـ OTV يوم أمس في الحازميّة أقول: “ما هو الفرق بينكم وبين الديكتاتوريّين”؟ الدكتاتوريّون يقمعون الرأي الآخر، يقهرونه حتّى الخنق. ما بالكم تمارسون ما أنتم منتفضون عليه؟ “ما عندكن أهل يضبّوكن”؟ أنتم تشوّهون حراكاً إستقطب مئات الآلاف من اللبنانيّين. هذه جريمة بحق الوطن وليس بحقِّ مراسلة الـ OTV فقط. أنتَ مستاءٌ من تغطية الـ OTV لما يجري؟ أنا مثلُك مستاء، وخصوصاً لأنّها خوّنّت الناس بسبب الأشياء نفسِها التي قُمنا بها في الـ 1989. لكن هل هذا يعني أنّه يحقّ لكَ أن تتنمّر على المراسِلة بهذه الوقاحة؟ صدّقوني أنّ إسرائيل أفضل منكم، وأنا أتكلّم تحديداً عن الذين اعتدوا على المُراسِلة. في إسرائيل تقف مراسلة محطّةٍ مثل الـ LBC أمال شحادة، كُلّنا نعرفها، تُرسل تقريراً على مرأى ومسمع الجنود الإسرائيليّين، تهاجم فيه خطط الحكومة الإسرائيليّة، ولا أحد يمنعها. إذا كُنتَ تريد أن تثور على الظلم فلا تمارسْه، وإذا كُنتَ رافضاً للقمع فلا تَقُم به. أنتَ مستاءٌ من الذين نزلوا إلى ساحة الشهداء قبل أسبوعين وكسّروا الخيَم، صحيح؟ بماذا تختلف عنهم أنتَ الآن؟ فولتير الشهير قال مرّةً: “قد أختلفُ معكَ في الرأي، ولكنّي مستعدٌّ ان أدفع حياتي ثمناً لحقِّك في التعبير عن رأيِك”.
كلامي قد لا يستسيغه كثيرون مّمن هُم مع الحراك أو ضدّه، لكنّ هذا الموضوع لا يزعجني. الذي يُزعجني هو ثائرٌ على الظلم يمارس الظلمَ متى سنَحَت له الفرصة، ويزعجني آخرٌ يستقوي برشّاشٍ لقمع أبناء بلدته وهو الذي ادّعى في يومٍ من الأيّام أنّه يُناصرُ فكرة الدولة لا “الدويلة”. خسئتم على جانِبَي الطريق من الغباء.
سمير قسطنطين
أحدث التعليقات