Toxic Beliefs That Ruin Your Life
29 كانون الأول 2019
هي نهاية العام. كُلُّنا نأخذ فيها قراراتٍ تتعلّق بحياتنا الشخصيّة ومسارنا المهني. التسمية المتعارف عليها في العالم لهذه القرارات هي الـ New Year’s Resolutions. معظم هذه القرارات تشبه التعهّدات التالية: “سأبدأ ريجيماً قاسياً مطلع السنة”، “سأقتصد في مصروفي”، “سأُبطِل عادة التدخين في أوّل يومٍ من السنة”، “سأُمضي وقتاً أطول في المطالعة”. في كثيرٍ من الأحيان نفشل في تنفيذ هذه القرارات، وفي أحيانٍ أُخرى ننجح. تُفيد إحدى الدراسات التي أُجرِيَت على أُناسٍ أخذوا قراراتٍ حاسمة ليلة رأس السنة أنّ 93% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 45 سنة والـ 54 سنة، إلتزموا بتنفيذ هذه القرارات، وهذه النسبة ليست قليلة. في المقابل، تتدنّى هذه النسبة إلى حدود الـ 47% للذين تتراوح أعمارهم بين الـ 25 سنة والـ 34 سنة من العمر.
اليوم سأذهب وإيّاكَ مشواراً في حياتك المهنيّة والشخصيّة. وأودّ أن أتشارك وإيّاك بستِّ قناعات تسمّم حياتك، وأودّ أن أُسمّيها Toxic Beliefs. وسأسألك في الختام عمّا إذا كُنت جاهزاً لتّتخذ قراراتٍ بشأنها ليلة رأس السنة أو حتّى قبل ذلك.
القناعة الأولى التي تسمّم حياتك هي “أنّي لن أنجح إلّا إذا كُنتُ كاملاً بمعنى الـ Perfection”. في كفاح الفرد لبلوغ الكمال، يضعُ لنفسه معايير عالية جدًا لأدائه، غالباً ما يصحبُها تقييمٌ نقديٌّ مبالغٌ للذات، ومخاوف من تقييمِ الغير لي. هل فعلاً تريد الكمال؟ هذا جيّد، لكن دعني أُحذّركَ من أنّكَ قد تقضي وقتاً كبيراً في رثاء ذاتِكَ بسبب ما فشلت في تحقيقه، بدلاً من الاستمتاع بما قدِرْتَ على فعله. ليس من كاملٍ إلّا الله. هذه القناعة تسمّم حياتك، وقد تدفعك إلى انفعالاتٍ نفسيّة لا تساعدك في تحقيقِ نجاحٍ ناجز.
القناعة الثانية المُسَمّمَة للحياة هي أنّ “مصيري مقرّرٌ سلفاً”. غيرُ صحيح. مصيرُك المهني والشخصي هو بين يديك أنت. إلقاء اللوم على قوى خارجة عن إرادتك لإخفاقات ارتكَبْتَها، هو ليس أكثر من وَهْم. صحيحٌ أنّ الحياة قد تأتيكَ بأوقاتٍ صعبة في بعض الأحيان، ولكنّك ستكون فرِحاً مرِحاً في أوقاتٍ أُخرى كثيرة، وستفتحُ أبوابٌ عدّة أمامك لتأخذك إلى فرصٍ جديدة وإمكاناتٍ جديدة. المهم أن ترى أنتَ هذه الفرص والأبواب، وأن تؤمن بنفسك ومواهبكَ وقدراتك الذهنيّة والقيَميّة وبقدرتِك على الخروج ممّا أنتَ فيه وإن كان بالغ الصعوبة.
القناعة السلبيّة الثالثة تتمثّل في ما نقوله أحياناً للناس وهو: أنا أفعل هذا الأمر إمّا “في كلّ المرّات” أو “لا أفعله حتّى ولو لمرّة واحدة”. لا يوجد أيّ شيئ في الحياة تفعله دائماً او لا تفعله ابداً. نحن ننمو باتّجاهاتٍ عدّة. وفي نموّنا نأخذ خياراتٍ جديدة بفضل ما تعلّمناه من أخطائنا. قد تفعل الكثير أو قد لا تفعل شيئاً يستحق الذكر، لكنّك عندما تضعُ إطاراً لسلوكك ضمن هاتين الخانتَيْن، ففي ذلك شكلٌ من أشكال الشفقة على الذات. هذا يجعلك تعتقد أنّه ليس لديك سيطرة على نفسك. هنري دايفيد ثورو، فيلسوف وشاعر أميركي من القرن التاسع عشر، كتب مرّة قائلاً: “الأشياء لا تتغيّر بل نحن الذين نتغيّر”. لذلك، إذا قرّرتَ عدم التغيُّر، فإنّك تقرّر عدم النمو. يُقال أن هيروكليتوس، الفيلسوف اليوناني، هو من قال أنّ “الثابتة الوحيدة في الحياة هي التغيُّر” أي change is the only constant in life.
القناعة الرابعة التي تترك أثراً سلبيّاً كبيراً في حياتك هي: أنا أنجح فقط عندما يوافق الآخرون على ما أنا، بمعنى أنّني لن أنجح إلّا إذا وافق الآخرون على أعمالي! يمكنك أخذ آراء الناس بعين الاعتبار لكن قيمتك الذاتية لا تأتي إلّا من داخلك. في هذه الأيّام ترى أشخاصاً كثيرين وقد غيّروا شكلَهم وبدّلوا قناعاتهم لكي يرضوا أشخاصاً معيّنين. أنا لا أُحاول القول أنّه لا يحقّ لنا أن نُغيّر شكلنا أو قناعاتنا. طبعاً لا. لكن أن نغيّر أشياء كثيرة في حياتنا فقط لكي يمنحُنا أحدُهم “شهادة حسن سلوك”، فهذا فشلٌ بحدّ ذاته. في الجهة المقابلة، فإنّ “التَمَسْمُر” هو خطأٌ أيضاً. رأي الآخرين مهم، ومن يقول عكس ذلك ليس واقعيّاً بالقدر الكافي. رأيُ عائلتِنا وأصدقائِنا فينا يهمّنا جميعاً. لكن أن نربط نجاحنا وحقيقته بما يقوله الناس عنّا، ففي ذلك فشلٌ كبيرٌ لنا. ماذا لو كُنّا مُحاطين بمجموعة أُناسٍ سلبيّين؟ هُم لن يعترفوا بنجاحنا في أية مرّةٍ من المرّات! هل هذا يعني أنّنا ننظر لأنفسنا نظرةً دونيّةً طوال الوقت؟
القناعة الخامسة التي تسمّم حياتك هي: مستقبلي نسخةٌ طبق الأصل لماضيّ. قد تؤدّي الاخفاقات المتكرّرة الى تآكل ثقتك بنفسك، وتجعل من الصعب التصديق أنّك ستحقّق نتائج أفضل في المستقبل. أيّ شيئ له قيمة ويستحق تحقيقُه جُهداً إستثنائيّاً منك، سيتطلّب تحمّل بعض المخاطر. مستقبلُك لن يكون نسخةً طبق الأصل لماضيك إلّا إذا قرّرتَ أنت، وعن سابق تصوّرٍ وتصميم، أن تعتقد ذلك. أوسكار وايلد الكاتب الذائع الصيت قال: ما نسمّيه خبرةً هو كناية عما تعلّمناه من أخطائنا.
القناعة السادسة التي تسمّم حياتك هي: مشاعري تعكس حقيقة الواقع. ماذا لو كُنت مزاجيّاً ومشاعرك في تأرجحٍ دائمٍ صعوداً ونزولاً؟ هذا سيعني أنّك ستعتقد دائماً أنك تعيش واقعاً مأزوماً وهذا ليس بصحيح. التعرّف إلى مشاعرك، وفهمها، يساعدك على فصل الحقيقة عن الخيال.
هل تريد أن تبقى قابعاً في هذه المفاهيم الستّة التي تدمّر حياتك؟ يمكنكَ أن تفعل ذلك، لكن لمَ لا تتّخذ واحداً من هذه القرارات التي نسمّيها بقرارات رأس السنة؟ لمَ لا تكونُ نهايةُ عامٍ وبدايةُ آخر، عتبةً تقطعها باتّجاه تنظيف ذهنك من هذه السموم والانتقال إلى حياة من نوعٍ آخر؟
كما قُلتُ في البداية: “هي نهاية السنة”. كل عام وأنتم بخير. Happy New Year.
سمير قسطنطين
أحدث التعليقات