تأمّلٌ من وحي هذا الزمن وكلّ الأزمان

في الصلاة الربّيّة أو الربّانيّة خاتمةٌ نتلوها في كل مرّة نردِّد هذه الصلاة، وهي “لأنّ لكَ الملكَ والقوّةَ والمجد…”.

سألتُ نفسي أكثر من مرّة: “لماذا هذا الترتيب في العبارات”؟
لماذا لا نقول مثلا “لأنّ لك القوّةَ والمجدَ والمُلك”؟ أو لمَ لا نقول “لأنّ لكَ المجدَ والمُلْك والقوّة”؟

لماذا هذا التدرُّج في التعابير من المُلْكِ إلى القوّةِ إلى المجد؟

في تأمّلي الشخصي أرى أنّ المُلكَ هو أدنى درجات القوّة بمعنى الـ Power أي السلطة … فهناكَ في العالم ملوكٌ وملكاتٌ يملكون ولا يحكمون كملكة إنكلترا مثلا… أي أنّ هناك إمكانيةً للمُلكِ من دون صلاحيّات واسعة أو سلطةٍ كبيرة… طبعاً المُلكُ بحدّ ذاته أمرٌ رائعٌ وجذّاب، لكن من الممكن أن يكونَ موجوداً من دونِ سلطةِ قرارٍ واسعة…

الدرجة الثانيةُ في هذا السلَّم هي “القوّة” إذ نقول لأنّ لك “المُلكَ والقوّة”….
“القوّةُ” بهذا المعنى هي أن تملكَ وتحكمَ في آن معاً… أي بكلامٍ آخر، أن يكونَ لك برستيج المُلْك – إذا جاز التعبير – وأن تكونَ لك سلطة الحكم. يُشبِه هذا الوضع سلطةَ الملوك العرب، فَهُم يملكون ويحكمون أيضاً … هذا عن “القوّة”.

لكن ماذا عن “المجد” إذ يقول النصّ: “لأنّ لك المُلكَ والقوّةَ والمجد”؟ المجدُ هو اعتراف الأقوياء بك بأنّك أقواهم، وهذه الحالةُ تمثّل ذروة القوّة أو بُعدها الأعلى…

فـ “أبانا الذي في السموات” هوَ ملِكٌ يملكُ إذْ “له المُلْك”، وهو ملكٌ يملك ويحكمُ إذْ “له القوّة”، وهو ملكٌ يملكُ ويحكمُ ويعترف الأقوياء به أنّه سيّدهم لأنّ “له المجد”…

إن كان تأمّلي قريباً من الواقع أم غير قريب، فإنّ شيئاً لا يتغيّر في حقيقة أنّ أبانا الذي في السموات له الملك والقوّة والمجد الآن وكل أوان…

سمير قسطنطين