غداً نكونُ في الشعانين.
نستقبلُ في أورشليم ملكَ المجد آتياً على جحشٍ ابن أتان.
غداً نصرخ بأعلى الحناجر: “مباركٌ الملك الآتي باسم الربّ، سلامٌ في السماء ومجدٌ في الأعالي”.
سيغتاظ الفريسيّون منا.
يريدون للمسيح أن يسكتَنا.
أمّا هو فَلَهُ رأيٌ آخر: “أقول لكم إن سكتَ هؤلاء فالحجارةُ تصرُخ”.
لكنّنا في الغدِ لن نعرفَ ماذا ينتظرُنا.
سنكونُ مأخوذين بسعفِ النخيلِ والزينة والهتاف والحشود.
لن ننتبهَ إلى أنّ المعلّم بكى على أورشليم.
فاتَنا المشهدُ والمعنى.
بكى لأنها لم تعرف زمن الافتقاد.
“يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلةَ الأنبياء وراجمةَ المرسلين إليها، كم مرّة أردْتُ … ولم تريدوا…”. قال المعلّم.
غداً سيكون الكلُّ في هيصة، إلّا هو.
المخلّص … في وضعٍ نفسِيٍّ آخر.
وحدَه كانَ قادراً أن يرى ما سوف يأتي.
أوجَعَه ذاك الواصل.
في مساء الغد يبدأ أسبوع الآلام.
ما زالت معاناتها في مهدِها حتّى اللحظة.
يطلُّ الأسبوع العظيم عليهم من دون سابق إنذار.
تطهيرُ الهيكل من الذين جعلوه مغارة لصوص لن يوقف مشروع الخيانة.
صحيحٌ أن المعلّم كان أخبرَهم أنه سيُجلد وسيُصلب لكن يبدو أنّهم لم يفهموا.
كأنّي بهم وقد فوجئوا بمشروع الفداء.
مأخوذون هُم بمشاهد الانتصار في أحد الشعانين.
أمّا هو فصاحبُ خطّةٍ كان.
هو مأخوذٌ بمشروع.
لن يكتمل من دون الفداء.
ولا فداء من دون “اليوم عُلِّق على خشبة من علّق الأرض على المياه”.
زَهْوُ الشعانين إلى لحظة.
أمّا مشروع الخلاص … فإلى الدهر.
منذ الأزل ذاك الذي كان في قلبه.
الآن بتُّ أكثر فهماً لما قالوه: “مباركٌ الآتي باسم الرب”.
الآن يا سيّد بتُّ أكثر حاجة إلى آلامكَ الخلاصيّة.
سمير قسطنطين
أحدث التعليقات