في الحياة اليومية نوعان من النزاعات بمعنى الــ Conflict. النوع الأول نحن طرفٌ فيه ويجري بيننا وبين شخصٍ آخر. والنوع الثاني يحدث بين طرفين بعيدين عنّا، ولا دخل لنا فيه. هذان النوعان من النزاع غالباً ما يكونان واضحَيْن للعيان. لكنّ نزاعاً آخر لا نلاحظه بسهوله، أو أننا نعيش حالةً من النكران تجاهه، هو ذاك الذي يجري في دواخلنا. هذا النزاع هو نتيجةٌ حتمية لنزاع رغباتنا مع مخاوفنا.
الرغبة والخوف في حالة صراعٍ دائم. يرغبُ أحدنا في أن يهاجر إلى كندا مثلاً. يحضرُ الخوف فوراً. يسأله الخوف: “ماذا لو لم تلائمك كندا؟ ماذا لو كانت الغربةُ سبباً لابتعاد أولادك عنك؟”. يبدأ صراعٌ في داخلك نتيجةً لهذا التنافس بين الرغبة والخوف.
يعجبُك شخصٌ ما. الرغبة حاضرةٌ لا تتأخّر. رغبتك تدفعك باتجاه إقامة علاقةٍ معه أو معها. يحضر الخوف أيضاً. الخوف يقول لك: “هذه العلاقة مستحيلة، لا أُفق لها. هذه العلاقة ستولد ميتة”. هذا التصارع بين الرغبة والخوف يتسبَّب بـ Conflict أكبر في حياتنا، فيزداد توتّرنا وينمو خوفُنا. وفي مراتٍ كثيرة نغضب من أنفسنا إن نحنُ أقدمنا وإن لم نُقدِم. ونغضب من الآخرين الذين نفكِّر بردّات فعلهم حين نريد أن نُقدِمَ على إقامة علاقةٍ معهم، إذ نعتبرهم السبب في بروز حاجتنا اليهم وفي تولُّد الخوف.
بعض الأشخاص يعيشون في الخوف. لا يُقدِمون على الفعل. يُميتون الرغبةَ في دواخلهم. الخوف من الإقدام عندهم أقوى بكثير من الرغبة. الخوف يحرُمُهم من التغيير لكنه يحميهم من الفشل في آنٍ معاً.
أما الناس الذين يعيشون في الرغبة والرغبة فقط، فتراهُم يُقدِمون. منسوبُ المغامرة عندهم عالٍ جداً. رغبتُهم أقوى بكثير من خوفهم. يحصُلون على ما يريدون لكن ذلك يأتي في مراتٍ كثيرة على حساب استقرارهم واستقرار عائلاتهم. الذين يعيشون في الرغبة غالباً ما يكونون أنانيّين، يفكرون في عائد الرغبة عليهم من دون النظر إلى نتيجة إقدامهم وتأثير ذلك على الأشخاص الذين حولهم.
وهناك قسمٌ ثالثٌ من الناس يعيش بين الرغبة والخوف. لا يُحقق الكثير، ولا يخسر الكثير. يجد لنفسه ما نسميّه بالإنكليزية Happy Medium.
أيُّ صنفٍ من الناس أنتَ؟ وهل قرأتَ مرةً سبب نزاعاتك الداخلية على أنها صراعٌ بين الرغبة والخوف في داخلك؟
أحدث التعليقات