الأوّل من أيّار 1988

في زمنٍ موجع
أغلقَ القمرُ شبابيكَه
لوّح بيديه في وداعِ العاشقين
أطفأ ضوءه
غرقَ في صمتٍ ثقيل
ورحل
في رحيله، سرقَ القمر
حكايات مشاويرِنا
و ضحكات سذاجتِنا
و أحلامَنا التي لم تكتملْ
و فرحَنا الذي ما خلا يوماً من الخوف
في مشواره الذي ظنَنْتُه لن يطول
ترك لنا القمر
ما لم يقوَ على انتزاعه منّا
أودَعنا حُزنَ عيونٍ
وأسى ذكريات
ومواويلَ شجن
وحسرة على حبيبٍ
لم يُرِدْ أن يصدّق يوماً
أنّ الحلمَ إنّما إلى لحظةٍ هوَ
وأنّ الفراقَ في العشق
قدرٌ محتوم
بعد سنواتٍ من الرحيل
زارَنا القمرُ فجأةً
افتقدَنا على غفلةٍ منا
أتى بابتسامةٍ عريضة…
لكنّ شيئاً في القمر تغيّر…
لم يعُدْ ذاك الذي ذهَبَ
ونحن أيضا تغيّرنا
لم يجدْنا في المكان عينِه…
فقد تغيّر الزمان والمكان وكلُّ ما كان
تفاجأ القمرُ بالشمس في غير موعدِها
لهيبُها، حتّى في المساء، يحرقُ
لقد أيبسَتْنا الشمسُ في الغياب
صِرنا كالعشب الجاف
لا حياةَ فينا ولا اخضرار
لونُنا باتَ من لونِ ترابٍ يابس
مرةً ثانية
أطفأ القمر ضوءَه،
غرقَ في صمتٍ ثقيل
رحلَ إلى غيرِ عودةٍ على ما يبدو
هذه المرّة لم يمد يديهِ من النافذةِ
لم يلوِّح للعاشقين
فلا عشق ولا عاشقين
حتّى ولا دمعة تُذرفُ
من شدّة اليباس واليابسين
سمير قسطنطين