الكاريزما عبارة غامضة بالنسبة لكثيرين. هل هي “الهضامة”، أم سرعة البديهة، أم الوسامة، أم “الشياكة”؟ هي ليست أيّاً من هذه علماً أنّ الكاريزماتي غالباً ما يمتلك الكثير منها. الكاريزما ببساطة هي “السِّحِر”. نعم هي السّحر الذي يملكه شخصٌ ما، يبهرك من دون كثير عناء، فتتأثّر به وبأفكاره وببسمته وبسحر شخصيّته أيضاً. تلتقيه في مناسبة عشاء، يؤثّر فيك حتّى عاطفيّاً من دون أن يسعى للّعب بمشاعرك بمعنى الـ Manipulation.
حضور الشخص الكاريزماتي قويٌّ ومميّزٌ عن حضور الآخرين لكن من دون فوقيّة ولا إدّعاء. هو غالباً ما لا يُنسى بسرعة. هو يؤثّر في الناس بطرائق أُخرى أيضاً، فيُثير الحماس والولاء في من حوله. يستطيع إلهام الآخرين عند التواصل معهم، ويستطيع جذب انتباه الناس الذين يعمل معهم بشكل أكثر من المعتاد.
عندما يتكلّم الشخص الكاريزماتي، يكون مُقنِعاً في كثيرٍ من الأحيان. في كلامه هو لا يقلّد الآخرين، ولا يفعل ذلك في نوع حياته. لديه القدرة على الإقناع والتأثير في من حوله. يملكُ قدرةً على صياغة كلامه بأسلوب جيّد يؤثر في من أمامه من الناس على اختلاف فئاتهم، ولديه القدرة على التعبير عما يُريد بلغة العيون من دون أن يتكلّم حتّى. هو ليس متكلّماً مثيراً للحماس فقط، بل مُصْغٍ رائع يمتلك مهارات الاستماع الجيد. الكاريزماتي ليس عفويّاً ولا متصنّعاً، هو يفكّر قبل أن يتكلّم من دون أن يفقد عفويّته الذكيّة.
يُتقن الكاريزماتي فنّ التعاطي مع الناس فيعاملهم كما يحبّون أن يُعامَلوا، ولديه قدرة عالية على تقبُّل الآخرين عندما يكونون مختلفين عنه. هو يستطيع استشعار مشاعر الاخرين ومعرفة ما يحتاجونه. في هذه الحالة، حسُّ البديهة لديه يخدمه، والحاسّة السادسة لا تتأخّر عن الحضور. لديه القدرة على التكيُّف مع الآخرين وإيجاد الحلول العمليّة الذكيّة.
في علاقته مع نفسه لديه قدرة على التحكّم بانفعالاته وعلى إظهارها بأسلوب إيجابيّ مؤثر في الناس يساعدهم على التغيُّر. هو يستطيع قراءة مشاعره بذكاء، ومعرفة ما الذي يُريده بالضبط، وماهيّة أهدافه.
السؤال الذي قد يخطر ببالك الآن هو: “هل الكاريزما تولد معنا، أو هي صفةٌ يمكن تنميتها”؟ الإثنتان معاً. الكاريزما تولد معنا لكن بنسبٍ متفاوتة. تسمع شخصاً مثلاً يقول عن ولدٍ في الخامسة من عمره: “نَجمو خفيف”، أو “شو قريب من القلب”. ما هذا؟ هذا كلامٌ غير مباشر عن كاريزما معيّنة يتمتّع بها ولدٌ ما منذ ولادته. لكن الكاريزما يمكن تنميتها.
ما يثير العجب أنّ جوانب تنمية الكاريزما تتعلّق فينا وبرغبتنا نحن بالذات في تطويرها فينا. وإذا كانت الكاريزما باختصارٍ شديد هي ذاك “السّحر” وتأثيره في الناس، فلا غرابة في أن تكون وسائل تنمية الكاريزما فينا هي تلك المرتبطة بوسائل الشبك مع الناس وفي مقدّمتها التواضع إذ الناس تنفر من المتعجرف. من ثمّ يأتي احترامُ الآخر كلاماً وفعلاً فينجذب إليك هذا الآخر، ولا أنسى كلمة المجاملة الطيّبة والصادقة التي تُشعر الآخر بأنّك تقدّره، هذا التقدير الذي هو بدوره عنصر جذبٍ و”سحرٍ” إذا جاز التعبير. تقبُّلُ الآخر يزيد من إمكانيّة “الشبكِ” مع الناس والتأثير فيهم خصوصاً عندما يتزاوج والإصغاء إذ عندما تُصغي للآخر وتتقبّله، أنتَ تُشعرِه بأهميّته وهذا ما يرغبُ كلُّ إنسان في الحصول عليه، فكم بالحري إذا هو أتى من شخصٍ كاريزماتي محبوبٍ من الناس! وإذا أردْتَ أن تزيد منسوب الكاريزما عندك، فلا مفرّ من إظهار الاهتمام بالآخر خصوصاً في هذا الزمن الذي يركضُ فيه الناس كُلٌّ لنفسه في مضمار الحياة الصعبة. وهل تعلم أنّ الرزانة تلعب دورها أيضاً في زيادة الكاريزما؟ صحيحٌ أنّ الكاريزماتي غالباً ما يكون “مهضوماً”، لكنّ هضامته يجب ألا تصبح نوعاً من “الجَعْدَنة وطقّ الحنك” إذ تُفقد صاحبَها الكثير من وهجه. يمكنك كذلك زيادة الكاريزما عندك من خلال قربك من الناس. الكاريزماتي “منّو بعيد وبارد”. هو شخصٌ قريب من الذين يطيّب قرُبه منهم خواطرهم. في هذه المرحلة يأتي دور المظهر الخارجي الذي يزيد من “السحر” بمعنى الـ Charm هنا، على ألا يكون ذلك من نوع الـ Over.
إذا كُنتَ كاريزماتيّاً بالفطرة، أنتَ بحاجةٍ أيضاً إلى تنمية هذه الحالة عندك. الآن بِتَّ تعرف الطريق. وإذا كُنتَ تشعر أنّ الخالق لم يخُصّك بجرعةٍ عالية من الكاريزما، فيمكنكَ أن ترفع منسوبها عبر خطواتٍ بسيطة لكنّها شديدة الفعاليّة، وهذه أيضاً بتّ تدركها.
سمير قسطنطين
أحدث التعليقات