مرّةً جديدة أثبتَ السياسيّون في لبنان أنّهم غيرُ قادرين إلّا على تحقيق الفشل. هُم مختلفون على كلّ شيء إلّا على عدم السماح بانهيار النظام السياسي العفِن. باتَ قارب النجاة الوحيد لهم، لكنّه مثقوب. هُم يُدركون أنّ أحداً في العالَمَين العربي والغربي لا يريد أن يدعمَهم. يعرفون أنّهم سقطوا حتّى في امتحان “الإكمال”. هُم يعرفون أيضاً أنّ لعبة الشارع ليست في يدهم، وأنّه من غيرِ المسموحِ لهم جرّ الناس إلى حربٍ أهليّة. يعرفون أنّهم ضعفوا إلى درجةٍ غير مسبوقة. يُدركون أنّه من غير المسموح لهم تشكيل حكومةِ محاصَصَة. يتذاكون على الوسطاء وعلى الناس. يُعيِّشون الشعب في الوهم. يحاولون أن يُقنِعوا الناس بأنّ الأمر ما زال في يدهم. الأمر على عكس ذلك. لكنّهم خائفون. كان واضحاً منذ البداية أنّ الرئيس سعد الحريري غير قادر على تشكيل حكومة. كتبتُ عن ذلك أكثر من مرّة. الأمر لا دخل له بوزير من هنا وحقيبة من هناك. الأمر متعلّقٌ بوصول الاهتراء إلى نقطة اللاعودة، وبلوغ الفشل مرحلةً لا تسمح ببداية جديدة لأشخاص غير قادرين أصلاً. أمّا ما حصل ويحصل في الشارع، فليس أكثر من “تنفيسة”. الكبار بلّغوا كلّ “حجارة الشطرنج” أنّ حركتَها محدودة، لا أكثر ولا أقل. ليس من مُمسكٍ واحدٍ بخيوط اللعبة. الكلُّ في المأزق. الذكي يفكّر باستراتيجيّة الـ Damage Control له ولفريقه السياسي. هذا أفضل الموجود الآن. الانسحاب التدريجي من مشهد الشأن العام بات ضرورة لكثيرين. الظروف ستقود كثيرين بهذا الاتّجاه. حجم الفراغ والفشل بات كبيراً. الذكي يقرأ المشهد، يسأل نفسه عن الحجم الجديد الممكن له، والدور الجديد الممكن. هو لن يربح كلّ شيء، ولن يحافظ على ما كان عليه. المهم ألّا يخسر الذكي كلّ شيء. خطوتان إلى الوراء أمرٌ ضروري. ليس لحفظ ماء الوجه بل لحفظ شيء من الدور وإن كان هزيلاً.
سمير قسطنطين
أحدث التعليقات