عندما نقول عن شخصٍ ما إنّه شخصٌ “صعب”، فغالباً ما نكون نتحدّث عن أحدٍ سوانا. يسهلُ علينا تحديد الشخص “الصعب” عندما يكون هذا الشخص هو الآخر. الشخصُ “الصعب” هو الشخص ذو المزاج الصعب، والذي يصعب على الناس التعامل معه بسلاسة. لكن هل فكّرتَ يوماً ما إذا كُنتَ أنتَ شخصيّاً شخصاً صعباً؟ ماذا لو كان هذا الشخص هو أنتَ؟ ماذا لو كُنتُ أنا هذا الشخص؟ كيف تعرف أنتَ، وكيف أعرفُ أنا، ما إذا كُنّا شخصَيْن صَعْبَي المزاج؟ هناك علامات ودلائل تؤشّر إلى صعوبة شخصيّتك ومزاجك والتعامل معك.
عندما ينضمُّ شخصٌ ذو مزاج “صعب” إلى مجموعةٍ من الناس، غالباً ما يتحوّل مزاج المجموعة إلى مزاجٍ سلبي، وغالباً ما تميل المجموعة إلى الانفصال بعد انضمامه إليها. وعندما يُعطي هذا الشخص الآخرين بسخاء، يجعلُه ذلك يعتقد أنّه بات من حقّه اتّخاذ القرارات عنهم أو توجيه أفعالهم حسبما يشاء. هذا يجعل أشخاصاً كُثُراً لا يجيبون عن الإيميلات التي يرسلُها إليهم ولا عن المكالمات التي يبادر الشخص الصعب إلى إجرائها بهم. الشخص “الصعب” غالباً ما يجد الناس غير ممتنّة أو غير متعاونة عندما يفعل شيئاً لطيفاً لهم. على سبيل المثال، هو قد يعرض على الآخرين استضافة عشاء في بيته، ولكنّه يجدُ أنّ ليس من أحدٍ قادراً على المجيء. كلُّ هذه، إذا حصَلَت لكَ فهي مؤشّرات على أنّ الناس تعتبرُكَ شخصاً صعب المزاج، وهي بالتالي تتهرّب منك.
هناك أيضاً بعض الأسئلة التي يمكنكَ أن تطرحها على نفسِك لتعرف ما إذا كُنتَ بنظر الناس شخصاً صعباً. من هذه الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر: هل تحيّرُك ردود فعل الآخرين على الأخطاء الصغيرة مثل السهو، أو التعليقات العَرَضيّة التي تقوم بها أنت؟ هل تشعر أنّهم يبالغون في كثير من الأحيان في ردِّ فعلهم عليك عندما تقوم باستذكار أحداثٍ ظريفة من الماضي، فتراهم بدل أن يبتسموا يشعرون بالانزعاج؟ هل تعتقد أنه من المهم التعبير عن مشاعرك وآرائِك الحقيقيّة بشكل صحيح، حتى لو كان ذلك يعني إزعاج الآخرين؟ هل تجد أن الناس يستاؤون ويغضبون عند تقديمك نقداً موضوعياً، مفيداً أو مشورةً ما؟ هل تجد نفسك في وضعٍ يلزمُك القول “يا زلمي كِنْتْ عم إمزح”! هل تعتبر أيضاً أنّ الآخرين لا يملكون حسّ الفكاهة ولا يضحكون على “حرقصةٍ” صغيرة تبدر عنك؟ هل يحدث لك أنه حتّى عندما تحاول أن تكون مفيداً من خلال شرح فكرةٍ أو تقديم معلومةٍ يبدو الناس غير مهتمّين بالاستماع إليك؟ هل تشعر بالإنزعاج لأنّ الناس يميلون إلى رفض الاعتراف بمعرفتك الكبيرة في مجالٍ ما، وبدلا من ذلك، يتجاهلون اقتراحاتك؟ إذا كانت أجوبتُك عن هذه الأسئلة إيجابيّة في كثيرٍ من الأحيان، عليكَ أن تتوقّف للحظة وتسألُ نفسكَ بجدّيةٍ: “هل أنا شخصٌ “صعب”؟ وماذا أقدر أن أفعل لأتغيّر”؟
وإليكَ أيضاً مؤشّرات أخرى. فإذا رأيتَ الناس يميلون إلى تغيير الموضوع عند محاولتك شرح فكرة مكّنتك من إجراء تغيير كبير في نمط حياتك، وإذا اعتقدْتَ أنّه من المفيد أن تُشير إلى أخطاء الناس، ومجالات عدم الكفاءة، أو سجلّات الفشل السابقة تحت عنوان “قول الحقيقة”، فاعلمْ أنّ كلّ ذلك مؤشّرات على شخصيّتك “الصعبة”.
وفي النهاية سؤالٌ Bonus لكَ: إذا كان شخصٌ ما يسأل عن رأيك، هل تعتقد أنّه من الصحيح أن تقول لهم رأيك بصراحة حتى ولو كُنتَ تعرف سلفاً أنّه لن يحبّ رأيك؟
إذا جاوَبْتَ بالإيجاب عن الأسئلة التي طرحتُها سابقاً، وإذا رأيْتَ نفسَك في مرآة المؤشّرات التي ذكرتُها أمامك، فالوضع يستحقُّ أخذ نَفَسٍ عميقٍ، والتراجع “فشْخَتَيْن” إلى الوراء، والتأمّل بشكلٍ عميق بما يُمكنكَ أن تفعلَه لتخرجَ من دائرةِ الصعوبة إلى دائرة السلاسة، فشخصيّتُك هي رأسمالكَ عندما لا تملكُ المال ولا العمر ولا الخبرة ولا العلاقات. لا تستخفّ بما يقوله الناس عن صعوبة شخصيّتك، ولا تُقنع نفسك بعبارات لا قيمةَ لها من مثل: “هنّي بيغاروا منّي لأنّي بفهم أكتر منّن”.
سمير قسطنطين
أحدث التعليقات