تكثُر هذه الأيّام في المدارس الّلقاءات الجماعيّة لأفراد الهيئة التعليميّة مع أهالي التلاميذ بهدف تقييم أداء المتعلّمين في الفصل الأوّل. بعض التلاميذ يخشون زيارة أهلهم إلى المدرسة. يتوجّسون ممّا سيقولُه بعض المعلّمين عنهم. بعض الأهل يُسيؤون استعمال ما يقوله المعلّمون عن أولادهم المقصّرين، فيلجأوون بعد هكذا لقاءات إلى إجراءات تأديبيّة بحق أولادهم فتتوتّر العلاقة في البيت بين الأهل والأولاد، وفي بعض الأحيان بين الوالِدَيْن بسبب عدم تشارك الرؤية نفسها حيال ما سمعاه في المدرسة. هذه اللقاءات، على أهميّتها، قد تؤدّي في بعض الأحيان إلى عكس الهدف المرجوِّ منها.
يتوقّف على المعلّمين نجاح هذه اللقاءات بتحقيق الأهداف التربويّة. فالأهل في كثيرٍ من الأحيان عاطفيّون، قد ينحازون إلى الولد فيرَون شيئاً من الظّلم في حقّه، أو ينحازون ضدّ الولد إذا ما كانت توقّعاتهم من ولدِهم عالية وغير منطقيّة. المعلّم هو الذي يصوّب البوصلة. هو الذي يُنجِح اللقاء أو لا سمح الله يُفشِلُه.
لكي ينجح هذا الاجتماع قد يكون مفيداً أن يبدأ المعلم كلاماً إيجابيّاً وواقعيّاً في آن، فيبدأ مثلاً بفكرة إيجابيّة حول ولدهم كأن يُطلعُهم على التقدّم الذي أحرزه ولدهم إذا كان هناك من تقدّم. ولا بأس في أن يناقش نقاط القوة عند الولد.
هناك أمور تجعل اللقاء فاشلاً، والانتباه إلى عدم الوقوع فيها ضروري، فالهدف هو مساعدة الولد أوّلاً وآخراً. لذا من المستحسن ألا أُفاجئ الأهل بمشاكل كبيرة غير معروفة من قِبلهم، وألا أختصر الحديث معهم بل أستفيد من كل لحظة من الوقت المخصّص للقاء، وألا أستنفد وحدي كل الوقت، وألا أُظهر عتباً أو ملامةً تجاه الولد. وإذا كانت هناك تحدّيات سلوكيّة لدى التلميذ، من المفيد أن أذكر بشكل عرضي المشاكل السلوكيّة غير ذات الأهميّة. ومن الذكاء بمكان ألا أسيء إلى سُمعة الولد أو أقلّل من أهميّته في عيني أهله. المطلوب منّي أن أعكس صورة المربّي المعتني.
يعتقد البعض أنّ هكذا لقاء يهدف إلى إسماع الأهل ما يجب أن يسمعوه عن ولدهم. هذا صحيح، لكنّها أيضاً فرصة أعطيها للأهل لكي يعبّروا عن مشاكلهم أو هواجسهم، وأن أتقبّل بعض الانتقادات التي قد يوجّهها الأهل إليّ. عندئذٍ يمكنني أن أستفيد من الوقت لكي أشرح مفهومي للملاحظات التي أدوّنها على ورقة العلامات، وإذا كنتُ متزوداً ببعضٍ من أعمال الولد المدرسيّة أعرضُها لهم موجِّهاً انتباههم إلى نواحٍ معينة، وأن أقدّم للأهل اقتراحات محدّدة تساهم في تحسين أداء الولد. فالاكتفاء بمشاركتهم بالمشكلة لا يُفيد. عليّ أن أقترح حلولاً. ويمكنني ساعتها أن أُشاركهم الصعوبات التي أواجهُها مع ولدهم بشكل محدّد ودقيق جداً، ومن المفيد أن تكون شكواي، إذا جاز التعبير، موثّقة لجهة التاريخ والحادثة والمكان والقانون المدرسيّ الذي كسره الولد، والإجراء التصحيحيّ الذي يمكن أخذه.
في ختام اللقاء، يمكنني أن ألخّص محتوى الحديث الذي جرى من عرض المشكلة والحلول. ولن أنسى أن أوضح للأهل أنّني بحاجة إلى مساعدتهم. في كلِّ ذلك، أن أُرحِّب بالأهل بمودّة، وأنظر في عيونهم عند التكلّم إليهم، وأتوجّه إليهم بالكلام ذاكراً اسمهم، وأن أحاول أن أنتهي من هذه المقابلة عند انتهاء الوقت المحدّد لها، كلُها لياقات تساعد في تحقيق الأهداف.
سمير قسطنطين