لا أستطيع أن أفهمَ قاموسَ دُعاء بعض الناس بالشرِّ على أُناس آخرين. تسمعُ في خلال النهار في برامج البثّ المباشر الإذاعيّة، وفي أحاديث لكَ مع بعضهم، وفي الشارع، وفي أمكنةٍ أُخرى كثيرة عبارات من مثل: “الله يلعنو”، “الله لا يقيمو”، “الله لا يردّو”، “الله يغمّقلو”، “الله ياخدو”، “انشالله بيشوف ولادو ميتين قدّامو”، “الله يقصُف عمرو”، “الله يضربو بِصِحتو”، “انشالله بيفطس”، “الله ينتقِم منّو”، “انشالله ما بيشوف يوم منيح”، وما إلى هناك من دعاء بالسوء على هذا أو ذاك. طبعاً أنا أفهم غضب الناس من شخصٍ أذاها. لكنّنا في مرّات كثيرة نفترض أنّ الآخر أذانا في ما الوضع لم يكن بالضرورة كذلك. دائماً وفي كلّ مسألة، هناك رأيك، ورأي الشخص الآخر، وهناك الحقيقة أيضاً في مكانٍ ثالث ربّما. لكن وفي كلّ الأحوال، أُريد أن أسأل نفسي: “لو استجاب الله لهذا الكمّ من الدعاء، هل كان سَلِمَ أحدٌ منّا على وجه الأرض”؟ لا أستطيع أن أقبلَ فكرةَ إلهٍ يستجيب لدعائِنا في زمن غضبِنا وانفعالِنا وحقدِنا. لا أقدر أن أفهم للحظة أنّ الله “ناطِرنا نِدْعي” لكي ينتقمَ من الناس. صحيحٌ أنّ الله هو ضدّ الظلم وضدّ من يريد الشرّ للإنسان الآخر، لكنّه في الوقت نفسه “أرحم الراحِمين” وخصوصاً للتائب. لا شكّ في أنّ الظُلمَ ممقوتٌ عند الله، ولعلَّ الإنسانَ مجرّبٌ بالدعاء على من ظلَمَه، لكنّنا في أحيانٍ كثيرة نَتّهم أحدَهم بالظلم وهو ليس بظالمٍ. قال ابن عبّاس في تفسيرٍ له: “لا يحبّ الله أن يدعو أحدٌ على أحد، إلّا أن يكون مظلومًا” … ويتابع قائلاً “وإن صبرَ فهو خير له”.
في فجر هذا اليوم أودُّ أن أتأمّل أكثر وأكثر في عبارة: “وصلّوا من أجل الذين يُسيئون إليكم”. أُغْفُر لنا يا رب “ذنوبنا وخطايانا كما نحن نغفر لمن خطئ إلينا”.
س.ق.