لكلّ شخصٍ أُناسٌ يحبّونه، وآخرون يتحفّظون عليه، وغيرُهم ممّن يكرهونه. بعضُ الأشخاص محبوبون بشكلٍ عام. وهناك أناس لا يثيرون في الآخر لا مشاعر ودٍّ ولا كره. هؤلاء يثيرون في معارفهم حالةً من الـ Neutrality أي الحياديّة. في مقابل هاتين الفئتَيْن من الناس هناك الـ “مكروهون” Big Time. غالباً ما يكون الشخص الذي يتعرّض لهذا النوع من الكَرَه شخصاً يتعاطى الشأن العام.
الشخص المكروه جدّاً، أسياسيّاً كانَ أم رجل أعمالٍ، يكون عادةً شخصيّةً مثيرةً للجدل Controversial Figure. هو شخصٌ يقسم الناس إلى قِسمَيْن: قسمٍ يكرهُه بشكلٍ عنيف، وقسمٍ يحبُّه بشكلٍ هستيري. لكن عندما يعترف هؤلاء السياسيّون بأنّهم مكروهون، يبرّرون هذا الكمِّ من الكَرَه بكلماتٍ من مثل: “بيكرهوني لأنّن بيغاروا منّي”، أو “بيكرهوني لأنّي كشفتُن”، أو “بيكرهوني لأنّي ما بْساوِم”. هذه التبريرات تبقى من دون قيمة في دُنيا الاحتراف الإداري أو السياسيّ في عالم اليوم. نادراً ما يسأل السياسيّ المغمور أو المغرور نفسَه سؤالاً مثل: “هل عند الناس ما يبرّرُ عَتَبَها عليّ أو حتّى كَرَهَها لي”؟ وبغضِّ النظر عن أنّ الكرَهَ بحدِّ ذاته أمرٌ مقيت للكاره قبل المكروه، فإنّ السياسيّ أو المدير الذكي يتوقّف عنده ويسأل نفسَه سؤالَيْن: “لماذا أنا مكروهٌ إلى هذا الحدّ”ِ؟ و”ما هو السبيل للخروج من هذا الكَرَه الجماعي”؟
هناك ثلاثة أسبابٍ لهذا الكَرَه. أولاً، الشعبُ انتخبَ السياسيَّ من أجلِه هو بحسب المقولة By The People For The People. ينتُجُ كره الناس بسبب شعورٍ عارمٍ بأنّ السياسيَّ خانَ ثقةَ الناخب وخدَعَه. ثانياً، يكون السياسيُّ مكروهاً عندما يضع مصلحتَه ومصلحةَ عائلتِه فوق مصلحة الوطن، ويتصرّف بأنانيّةٍ. ثالثاً، كَرَهُ الناس للسياسي ناتجٌ عن ممارسة هذا الأخير للمحسوبيّة والمفاضلة الـ Nepotism and Favoritism فتراه يختارُ فريقَه مُقدّماً مفهوم “الولاء” على “الكفاءة” حتّى بين أعضاء فريقه السياسي الواحد.
ما هو سبيل الخروج من هذا الكَرَه الجماعي؟ بعد أن تكونَ الصورةُ قد اهتزّت، الخروج ليس سهلاً وإن لم يكن مستحيلاً. الخروج يتمّ عبر العودة إلى مرحلة البدايات، إلى الوعود الأولى للناس، والرؤيا الأولى حول الوطن والدولة، والمفاهيم الأولى حول النزاهة والحكم الرشيد. وهناك خلطةٌ حتميّةٌ إنّما غير سحريّة، إنْ أراد سياسيٌّ أن يُصلِحَ صورتَه. هيَ تقوم على مزجِ ثلاثة مكوّنات: الأعمال الأولى زائد الثبات زائد عامل الوقت. إنْ عاد السياسيّ إلى شغفِه الأوّل وهو بناء الدولة، وإلى وعده الناس بعدم المساس بجيوب الفقراء، وانطلق من هناك من جديد، ومَضَت فترةٌ من الوقت لا تقلّ عن ثلاث سنوات حقّق فيها إنجازات على هذا الصعيد، يُصلِح هذا السياسي صورتَه تدريجيّاً ويبدأ الناس بالخروج من دائرة العتب الكبير إلى دائرة الـ Neutrality في البداية، ومنها إلى دائرة الانجذاب إليه من جديد. ليس مهمّاً أن يقول السياسيّ عن نفسه أنّه ليس فاسداً، أو غيرَ طائفيٍّ. المهمّ أن يكون شعورُ الناس تجاهه مطابقاً لقوله.
عندما يكون أحدٌ مكروهاً إلى درجةٍ كبيرة من مجموعة كبيرة من الناس، لا يفيدُه الكبرياء بشيء. فإذا هو أراد عدم الاضمحلال، يُحتَّم عليه السؤال عن سبب هذه الحال وكيفيّة الخروج. شيءٌ من التواضع والتوبة “ما بيضرّوا”.
سمير قسطنطين