أداء مجلس النوّاب هذا الأسبوع لم يكن مُطمئِناً لجهة إدارة تحدّيات الأيّام المُقبلة. في كلّ مرّة كانت الحكومة تتعطّل أو الرئاسة الأولى تشغر، كان “السيّدَ نفسه” يوحي بأنّه مُمسِكٌ بزمام الأمور. يوم الأربعاء لم يكن هذا انطباعي. إدارة الجلسة لم تُرِحْني. سُرعةٌ في إقرار ما كان يجب أن يُقرَّ، وتسامحٌ مع هزءٍ لا يوحي إلّا بتدنّي مستوى التخاطُب السياسي إلى ما تحت خطِّ “الحضيض”. نوّابٌ يهزأون من إسم نائبةٍ. “زرازير” تصبح “صراصير”. لا يخجلون. هناك عائلات لبنانيّة كثيرة، بعضها مُمَثّلٌ في مجلس النوّاب، من المُمكن أن تكون في هذه الخانة إذا إنجرّ الجميع إلى التنمُّر. تُصبح عبارة الـ Pif Paf سبباً للسخرية ممّن يُفترض أن يكونوا Politically Correct.
نوّاب التغيير لم يُطمْئنّي أداؤهم أيضاً. لم أرَ Know How واضحةً. لم تكُن حليمة القعقور مُضطرّة إلى استعمال عبارةٍ من عالم الـ Management سيُساء فهمها من البعض، فيما عبارة Patriarchal لا دخل لها في اللغة الإنكليزيّة لا بالبطريرك ولا بالبطريركيّة. أثارت العبارة حفيظة حارس بكركي، وتُضطر بولا يعقوبيان إلى تفسير العبارة. لا استعمال العبارة كان في موقعه، ولا إثارة الحفيظة كانت ضروريّة، ولا الشرح كان مطلوباً. نائبةٌ جديدةٌ مُصرّة على أن تُخبرنا عن مجلّات خلاعيّة في مكتبها في المجلس، وعن الأواقي الذكريّة. مشاهد من برنامج “المعلّمة والأستاذ” مع غيابٍ كامل لحياء هند أبي اللمع وهضامة ابراهيم مرعشلي. النوّاب الـ 13 بدوا غير قادرين على المناورة واللعب بالسياسة. ليس مُضطرّاً أحدُهم أن يدوّر الزوايا في كلّ مرّة. “خلّيها شي مرّة” من دون تدويرٍ. “معليش”. المعارضة ليست قادرة حتّى الآن على حشر السلطة لكي تُصحّح المسار. المعركة صعبة. هواةٌ على حق في مواجهة مُخضرمين مُثقّلين بالخطايا.
هذا الأسبوع شهد الاستحقاق النيابي الجدّي الأوّل بعد الانتخابات. لم يُعطِ الاستحقاق مؤشّرات إيجابيّة. كان فيه شيءٌ من الخفّة من دون خفّة ظِلٍّ. وكان فيه ضياعٌ من دون بوصلةٍ تُرشد إلى الطريق. وكان فيه تعاطٍ بين الزملاء أشبه بنقاشات أولادِ شارع “مِشْ مهضومين”. لم يكُن المجلس ساحةً للتلاقي. محزنٌ.
المؤشّرات حول ما سيأتي غير مُطمئِنة. من الواضح أنّ الحكومةَ غير قادرة على إدارة بلدٍ لا الآن ولا في فراغٍ دستوري إن حصل. وواضحٌ أنّ الرئاسة الأولى الآن هي غيرها قبل ستِّ سنوات لجهة قدرتها على إدارة الفراغ أو الاشتباك مع الرئاسة الثالثة. والمجلس الذي أخذ على عاتقه مهمّة حماية النظام، وتحديداً منذ 17 تشرين، بدا هذا الأسبوع غير قادرٍ على إدارة أزمةٍ. كان متلهّياً بنكات سمِجَة وتنمُّر و”تنمير”. شيءٌ يشبه أغنية الرئيس ميقاتي “عَ العصفوريّة”. من يُغرِق المجلس في هذه الوحول؟ لمصلحة من هذا التنمُّر والشلل؟
إنهيار النظام السياسي بالكامل، يمشي جنباً إلى جنب مع إنهيار المؤسّسات. ما هو مصير القطاع العام؟ هل ستُدفع المعاشات آخر الشهر؟ ما مصير الضمان الاجتماعي؟ كلّ النظام منهار، تماماً كما يحصل لجسم الإنسان عند دنوّ الساعة The Whole System Shuts Down. وهل يبقى مُهمّاً السؤال عن مصير انتخابات رئاسة الجمهوريّة؟ وماذا ينفع انتخابُ رئيسٍ “قوّيٍ” أو غير قويٍّ والبلد والقطاع العام في تحَلُّل؟ كُلّها مؤشّرات مجلسيّة لا تُطمئن للزمن الآتي.
سمير قسطنطين