ليس خفيّاً على أحد أنّ أيّ رئيسٍ للجمهوريّة لن يُنتخَب يوم الرابع عشر من حزيران. هذا هو المعروف. أمّا غير المعروف فهو حجم التصويت لكلّ مرشّح وإن كانت البوانتاجات تملأ الدنيا. عدد الأصوات التي سينالُها رئيس تيّار المردة الوزير سليمان فرنجيّة أو الوزير السابق جهاد أزعور سيُحدِّد بوصلة الآتي من الأيّام.
إذا نال الوزير أزعور أصواتاً أكثر من تلك التي سينالُها الوزير فرنجيّة#، وخصوصاً إذا تخطّى حاجز الـ55 صوتاً، واقترب من حاجز الـ65، فكأنّي بالمعارضة ستقول لـ”حزب الله”: “عليكَ أن تنزل عن الشجرة. لا يُمكنكَ البقاء هناك. تعالَ وحاوِرني”. عندئذٍ سيكون صعباً على “الثنائي الشيعي” أن يتجاهلَ دعوة الخصوم إلى الحوار حول اسمٍ ثالثٍ، وإنْ شهِدنا بعض “الغْناج” في البداية. قد يكون عندها انسحابُ الوزير فرنجيّة مطروحاً، ومن الطبيعي أن يُضطرّ الثنائي إلى أن يفاوض المعارضة على اسمٍ آخر. المعارضة تكون قد برهَنَت للثنائي أنّه غيرُ قادرٍ على إيصال مرشّحٍ إلى بعبدا بمفرده.
أمّا إذا تفوّق الوزير فرنجيّة بعدد الأصوات على الوزير أزعور، (يكفي عندئذٍ أن يتخطّى عتبة الـ50 صوتاً)، فسيزداد “الثنائي الشيعي” ثباتاً في موقفه، وهذا طبيعي. عندئذٍ ستكون المعارضة في وضعٍ لا تُحسد عليه إذ إنّها حَشَدت لمعركة الأربعاء المقبل العدّة شبه الكاملة. الثنائي، وخصوصاً الحزب، أقدرُ في لعبة الانتظار. قد يُضطر ساعتها الوزير أزعور إلى الانسحاب من دون أن تكون المعارضة قادرة على المضيّ بمرشّحٍ آخر ينال أصواتاً أكثر ممّا ناله أزعور. لن تكون قدرتُها على الثبات في المواجهة سهلة.
أمّا إذا حقّق الطرفان رقمَين متقاربَين، يتخطّى كُلُّ رقمٍ منهما حاجز الـ50 صوتاً، فإنّ الاستمالات ستبدأ في كلّ اتّجاه، وخصوصاً من قِبَلِ الذين يُديرون معركَتَي المُرَشَحَيْن، وهي ستذهب باتّجاه مستقلّين وتغييريّين وسُنّةٍ وآخرين لم يحسموا خيارهم بعد.
في هذا الوقت، لا أعتقد أنّ أيّ تهويلٍ من أيّ طرف بما لا تُحمدُ عُقباه، أو تخويفٍ يُصدره في المقابل طرفٌ آخر ممّا سيأتي، لا أعتقد أنّه يُفيد. لا يستطيع أحدٌ أخذَ البلد إلى أيِّ مكان.
من يُدير المعركتَين؟ كلُّ الناس ما عدا المُرشّحَيْن نفسيهما. الثنائي يُدير معركة الوزير فرنجيّة الذي حتّى الساعة لم يُعلن ترشّحه وبرنامجه بشكلٍ واضح. زياراتُه للأطراف والمرجعيّات قليلة وإن كانت هادفة. تصاريحُه أقلّ. لم يُخطئ في أيّ موقف خلال هذه المرحلة. الوزير أزعور في المقابل أسقطه أحدُهم فجأةً على الساحة. حتّى الساعة هناك أطرافٌ لم يزُرْها. أصلاً هو لم يلتقِ علناً أطرافاً كثيرة. لم يُقدّم برنامجاً، ولا هو يُكثر من الكلام. أحدٌ سواه يُدير المعركة. أعتقد أنّ الغرب مهتمٌّ بتسويقِه أكثر ممّا هو مهتمٌّ بالحديث مع الناس. تصريحا دوري شمعون ونبيل بدر يشهدان على ذلك. مصالح الأطراف الكبيرة، إيران والغرب، تُدير هذه المعركة الانتخابيّة.
للمرّة الأولى منذ الطائف، قد نكون أمام خياراتٍ غير مألوفة في رئاستَي الجمهوريّة والحكومة، وقد يكون هناك معنىً آخر للثُلث الضامن. “بكّير” على هذا الكلام. لكنّ الثابت أنّ كلّ الناس بحاجة إلى مخرج. التصاريح التي لا تخلو من صَلَفٍ أحياناً لا تعكس الحجم الحقيقي للارتباك.
سمير قسطنطين
الصورة للزميل حسام شبارو